...
لتسجيل إعجابك!!! يرجى تأكيد التسجيل من خلال اللإيميل تأكيد الحساب
لتسجيل إعجابك!!! يرجى تسجيل حسابك معنا إنشاء حساب
سيدة النار والحصار

امرأة النار والحصار... بين الجراح والصمود

بقلم :فاطمة علي

في زمنٍ تحاصر فيه الإنسانية  من كل الجهات، وتُشوَّه فيه القيم باسم الدين والسياسة، ظهرت امرأة من عمق الجبال، تقول للعالم أجمع:

"أنا هنا... وهذا وطني... ولن أنكسر".

 

هي زوجة شيخٍ في السبعين من عمره، قرر أن يُقاوم الظلم حتى النفس الأخير. صعد إلى سطح منزله محاصرًا، وواجه بندقيته  مختلف الأسلحة، حتى ارتقى شهيدًا، مدافعًا عن بيته وكرامته.

 

لكن القصة لم تنتهِ عند مقتله، بل بدأت حينها ملحمة المرأة التي رفضت الانكسار، رغم الحصار، ورغم الجراح.

 

امرأة من قلب هذه الأرض، صامدة، مصابة في جسدها، لكنها تقف بثبات، والبندقية في يدها، والإيمان بحقها وحريتها يملأ قلبها.

حاولت مرارًا سحب جثمان زوجها من سطح منزلها، لكنها كانت تُواجه في كل مرة بوابلٍ من النيران، وكأن العدو يخاف من جسد رجل ميت أكثر من حياة امرأة حرة تأبى الخضوع.

 

ورغم إصابتها، استطاعت بعد ساعات من الصراع أن تسحب جثمان زوجها ، وسط حصار يمنع عنها الماء والغذاء والدواء.

حتى الإسعاف لم يُسمح له بالوصول، وكأن الجريمة لا تكتمل إلا بمزيدٍ من المعاناة.

 

بجانبها والدتها العجوز، المصابة كذلك، تقاوم بالصبر والدعاء.

منزلهنّ ما زال محاصرًا، خزانات المياه قُصفت، وسكانه الجرحى يتنفسون من نوافذ الصبر فقط.

 

حين تنظر إلى هذه المرأة التي تقاتل وتحمل جثمان زوجها وتحاصر في بيتها، تستحضر  صور البطولة للمرأة  اليمنية عبر التاريخ.

امرأة من فولاذ  لم تصرخ، لم تنهَر، لم تشتكِ، بل مسحت الدم عن وجه زوجها، وودعته بكل فخر واعتزاز".

 

أي امرأة هذه؟

أي معدن صيغت منه هذه القلوب؟

كيف يمكن للكون أن يصمت، بينما تُحاصر امرأة بهذا الصمود في بيتها؟

 

إنها ليست مجرد امرأة، بل رمزٌ لامرأة حرة، تكتب ملحمة لا يمحوها الزمن، ولا يغطيها إعلام الصمت.

 

التحية لكل من امرأة قاومت الظلم بالصبر، وواجهت الرصاص بالإيمان، ولكل من يُعيد تعريف معنى البطولة في زمنٍ كثرت فيه الأقنعة.