...
لتسجيل إعجابك!!! يرجى تأكيد التسجيل من خلال اللإيميل تأكيد الحساب
لتسجيل إعجابك!!! يرجى تسجيل حسابك معنا إنشاء حساب
ما بعد الشتاء القارس .. صيف حارق

ما بعد الشتاء القارس... صيف يزيد من معاناة النازحين

 

            تقرير: سمية الشدوفي

 

مع انتهاء فصل الشتاء القارس في اليمن، تظل معاناة آلاف النازحين قائمة، بل تتخذ أشكالًا جديدة مع حلول الصيف الحارق. فقد واجه هؤلاء النازحون برد الشتاء القاسي بوسائل شحيحة، وسط غياب شبه تام للمساعدات الأساسية، واليوم، يجدون أنفسهم في مواجهة درجات حرارة مرتفعة تزيد من معاناتهم الصحية والمعيشية.

 

شتاء قاسٍ.. وأوضاع إنسانية متدهورة

 

لم تكن مغادرة منازلهم خيارًا، بل ضرورة فرضتها الحروب والنزاعات، ما أجبرهم على العيش في مخيمات عشوائية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. لا توفر هذه المساكن البدائية الحماية الكافية من تقلبات الطقس، ما يجعلها بيئة غير صالحة للعيش تلقي هذه الأوضاع بثقلها على الفئة الاكثر ضعفا لاسيما  الأطفال و كبار السن  الذين يعانون من ضعف المناعة وانتشار الأمراض المعدية.

 

في مخيم النور بمحافظة مأرب، يصف أحد النازحين معاناته قائلًا:

"نعتمد على لحاف واحد فقط للتدفئة، أنا وأطفالي، و يعاني أطفالي من السعال والتهابات شديدة. لا نحصل على الرعاية الصحية ولا نستطيع شراء الأدوية بسبب نقص المال. هذا الشتاء شكّل تهديدًا حقيقيًا لحياة كبار السن هنا."

 

أما في مخيم السويداء، فيروي حسين زيد، أحد النازحين، قصته قائلًا:

"أعيش مع أسرتي المكونة من ستة أفراد في خيمة واحدة. نعاني من شدة البرد، ولا نملك أي وسيلة للتدفئة. بسبب إعاقتي، لا أستطيع العمل، وراتبي البسيط لا يكفي لتلبية احتياجات أسرتي."

 

يؤكد الدكتور علي علوان، أخصائي الأطفال في أحد المخيمات، أن "برودة الخيام الشديدة ليلًا أدت إلى ارتفاع ملحوظ في أمراض الجهاز التنفسي. نستقبل يوميًا أكثر من 70 حالة، معظمها التهابات صدرية حادة". وأضاف أن أكثر من 80% من النازحين يعيشون خارج المخيمات، ما يجعلهم أكثر عرضة للخطر بسبب ضعف التدخلات الإنسانية.

 

الصيف القاسي.. معاناة تتجدد

 

لم يكن خروج النازحين من شتاء قارس سوى بداية لفصل آخر لا يقل قسوة. فمع ارتفاع درجات الحرارة، تتفاقم المشكلات الصحية، حيث تنتشر أمراض الجفاف، الحميات، والأمراض الجلدية بين النازحين، خاصة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وضعف المناعة.

 

كما تؤثر الحرارة المرتفعة على مستوى التعليم داخل المخيمات، حيث تواجه المدارس الميدانية صعوبات كبيرة في توفير بيئة دراسية مناسبة. تقول إحدى المعلمات التي تعمل في مدرسة ميدانية داخل المخيمات:

"كثير من الأطفال يعانون من الإغماء والجفاف بسبب حرارة الجو، مما أدى إلى انخفاض حضورهم المدرسي بشكل كبير."

 

تداعيات اقتصادية وزراعية

 

لم تتوقف معاناة النازحين عند الجانب الصحي فقط، بل امتدت إلى الأوضاع الاقتصادية. فمع الارتفاع الجنوني للأسعار، بات من الصعب على الأسر النازحة تأمين احتياجاتها الأساسية. يقول أحد النازحين في مخيم النور بمأرب:

"لا نستطيع شراء المراوح أو أجهزة التبريد، وحتى قوالب الثلج أصبحت باهظة الثمن. أما الإيجارات، فهي مرتفعة بشكل لا يمكن تحمله، مما اضطرنا للعيش في مخيمات  تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة."

 

أما على صعيد الزراعة، التي تشكل مصدر دخل لعدد من النازحين، فقد تسبب الصيف القاسي في تراجع الإنتاج الزراعي. يقول أحد المزارعين النازحين:

"لم نعد نستطيع الاستفادة من الأراضي القاحلة في ظل انعدام مصادر المياه ودرجات الحرارة المرتفعة، مما زاد من الأعباء الاقتصادية علينا."

 

ضرورة التدخل العاجل 

 

تشهد اليمن حاليًا موجة حر شديدة، تسببت في انتشار الأمراض بين النازحين، لا سيما في المناطق الصحراوية والساحلية، حيث وصلت درجات الحرارة إلى مستويات خطيرة، ما قد يؤدي إلى كوارث إنسانية وفقدان المزيد من الأرواح.

 

في ظل هذه الأوضاع المتدهورة، تبرز الحاجة الملحة إلى تدخل إنساني عاجل