
الفتيات ومواقع التواصل الاجتماعي: بين الاستفادة والضياع
✍️ هالة محمد الجرداي
في عالمٍ يعجّ بالرقميات، حيث تتداخل الحقيقة بالخيال، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياة المراهقات والفتيات. فالشاشات الصغيرة بين أيديهن تمثل نافذة واسعة على عالمٍ جديد مليء بالألوان والإثارة والتحديات. تبحث الفتيات من خلالها عن التعبير عن الذات، وبناء العلاقات، واكتشاف الهويات، مما يجعل هذه المنصات ساحةً خصبة لتحقيق ذلك. ولكن، ما الذي يجعل هذه المواقع تجذب الفتيات بشدة؟
تشير الإحصائيات إلى أن نسبة كبيرة من الفتيات يقضين ساعات طويلة يوميًا في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، مما يطرح تساؤلات حول أسباب هذا الشغف وما وراء ضياع هذه الساعات الطويلة؟ ولماذا تمتلك هذه المنصات كل هذا التأثير والجاذبية؟
استخدام متباين وتأثيرات متباينة
تغيرت مفاهيم الحياة، وأصبح الشباب والشابات يعتمدون على الإنترنت لاكتساب المعرفة بطرق إلكترونية سهلة وسريعة، مثل مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة لمعرفة ما يدور في العالم. لكن طريقة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي تختلف من فتاة لأخرى وفقًا لثقافتها وبيئتها.
بعض الفتيات تأثرن سلبيًا بانجذابهن إلى عالم التسوق والإعلانات وصيحات الموضة، حيث تستهدف الإعلانات الفتيات بشكل مباشر، مما يدفعهن إلى شراء منتجات قد لا يكنّ بحاجة إليها. كما توفر بعض المنصات ميزة "الشراء الفوري"، ما يسهل عمليات الشراء العشوائي، الأمر الذي قد يؤدي إلى عادات استهلاكية غير واعية، خاصة لدى الفتيات اللاتي لا يملكن مصدر دخل، مما قد يضعف ثقتهن بأنفسهن.
الترندات وتأثيرها على الفتيات
من ناحية أخرى، تنجذب الفتيات إلى موجة "الترندات" التي تركز على الشهرة السريعة، والتي غالبًا ما تكون مؤقتة وتشبه انفجارًا بألوان زاهية سرعان ما يخبو ضجيجه. بعض هذه الترندات تروج لمحتوى تافه لا يقدم فائدة حقيقية للمجتمع، ما يجعل الفتيات ينجذبن إلى هذه الظاهرة بدلًا من استثمار وقتهن في تطوير مهاراتهن أو اكتساب معرفة ذات قيمة.
استخدام إيجابي واستثمار فعّال
لكن في المقابل، هناك فتيات استطعن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي يعود عليهن بالفائدة والمنفعة. فالبعض يستغل هذه المنصات لاكتساب الثقافة والمعرفة، وتطوير القدرات، وتعلم مهارات جديدة مثل التصوير، التصميم، التسويق الإلكتروني، وإدارة المشاريع. كما توفر بعض المواقع فرصًا للحصول على دورات تدريبية مجانية أو مدفوعة في مجالات متعددة، مما يساعد الفتيات على تحسين مهاراتهن وتعزيز فرصهن في سوق العمل.
إضافةً إلى ذلك، تساعد مواقع التواصل الاجتماعي في تطوير مهارات التواصل والكتابة من خلال التفاعل مع الجمهور وصناعة المحتوى الهادف. وقد برزت مشاريع ناجحة أطلقتها فتيات عبر هذه المنصات، مما مكنهن من تحقيق أرباح مادية واستقلال مالي
تقول الإخصائية الاجتماعية أ. نجاة الإنسي من أسباب انجذاب الفتيات لمواقع التواصل بحثهن عن التقدير وعن التواصل مع الأقران، وهذه المواقع تمنحهن شعورا بالانتماء.
والتعبير عن الذات وتوفر لهن مساحة لمشاركة أفكارهن، وصورهن، وهواياتهن، مما يعزز شعورهن بالهوية.
وقد يكون اللجوء إلى العالم الافتراضي وسيلة للهروب من المشكلات الأسرية أو الدراسية أو الضغوط الاجتماعية
ومن العلامات الدالة على الوصول إلى حالة الإدمان
قضاء وقت مفرط على مواقع التواصل
وإهمال الأنشطة اليومية والشعور بالقلق والتوتر والمقارنة بالآخرين واضطراب النوم مما يستدعي تدخل الأهل والحد من تفاقم المشكلة بتحديد وقت لاستخدام الهاتف بجدول زمني والتوعية بمخاطرة