
الرعاية الصحية للنساء اليمنيات .. أزمات إنسانية وتحديات يومية*
تقرير/ أميمة عبدالرحمن
تتفاقم التحديات التي تواجهها النساء في اليمن -وخاصة اللاتي يعشن في المخيمات بسبب النزوح أو في مناطق النزاع- بفعل العوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسة، التي تشهدها البلاد منذ عدة سنوات، مما ينعكس سلباً على حالتهن الصحية، وتشمل هذه التحديات نقص الخدمات الصحية الأساسية، وانتشار الأمراض المعدية وارتفاع معدلات سوء التغذية بالإضافة إلى صعوبة الوصول للرعاية الصحية اللازمة.
ولم تعد الرعاية الصحية للمرأة اليمنية في أولوياتها فهي لم تعد تقوم فقط بالواجبات المنزلية، بل اضطرت إلى أداء أدوار إضافية تتجاوز طاقتها لتأمين احتياجات المعيشة، وخاصة الأرامل منهن وفاقدات المعيل لأسباب متنوعة.
*تأثير الحرب على النساء والصحة الإنجابية*
تأثير الحرب على الرعاية الصحية تفاقمت بشكل كبير مما أدى الى نقص حاد في الخدمات الطبية وضعفها، هذا النقص عززه ضعف البنية التحتية بسبب الحرب التي تعيشها اليمن، والتركيز نحو الإغاثة الطارئة وتوفير الحاجات الأساسية للمواطنين، كذلك النزوح وعدم الاستقرار الناجم عن الأحداث الدائرة خلق ظروفاً صعبة على النظام الصحي الذي كان هشاً قبل الحرب ناهيك عن آثار الحرب فيما بعد، فقد ارتفعت وفيات الأمهات والأطفال بشكل كبير بسبب نقص الرعاية الصحية الأساسية خاصة أثناء الولادة ويعد معدل الوفيات بين الأمهات في اليمن عالياً جداً، بل يعد الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وحسب احصائيات الاستجابة الإنسانية لصندوق الأمم المتحدة ففي كل ساعتين تموت إمرأة أثناء الولادة وتعاني النساء في سن الانجاب لاسيما الحوامل والمرضعات من الوصول المحدود أو انعدام خدمات الرعاية الصحية الانجابية ورعاية المواليد.
*الصحة النفسية للنساء انعدام قبل الوجود*
بسبب ظروف الحرب والنزوح والوضع الاقتصادي المتدهور الذي يعيشه اليمنيون ومنهم النساء تفاقم الوضع الانساني والظروف النفسية لهذه الأسر؛ "فضيلة أحمد" من صنعاء تملك 6 أطفال وبسبب الحرب والوضع الاقتصادي المتدهور تقول:" تعرض زوجي لظروف نفسية صعبة ولم نستطع علاجه بسبب وضعنا المادي السيئ وتدهورت حالته الى أن توفى، تعبت أنا نفسياً بسبب الضغوطات التي أعانيها من فقد للمعيل والوضع المادي المزري، حتى قوت يومنا لانجده أحياناً ،ترك أطفالي الكبار الدراسة لكي يعملوا ويساعدونني وأنا اضطررت لأن أشتغل في البيوت كعاملة نظافة، وبعاميتها تقول:"كم جهدنا نشقى تعبنا نفسيا قبل كل شي"".
ويجدر بالإشارة هنا أن إحدى المشاكل الخطيرة التي تعاني منها النساء الارتفاع الكبير في احتياجات الصحة النفسية والحرمان منها، وحسب احصائيات لصندوق الأمم المتحدة "فمن بين حوالي 7 مليون شخص بحاجة الى الرعاية والدعم النفسي هناك فقط 120،000شخص يستطيعون الحصول على ذلك"، ويتعرض عدد كبير من أمراض الحالات النفسية للأذى باعتباره وصمة اجتماعية وكل ذلك بسبب ضعف الوعي تجاه ذلك، ناهيك عن ارتفاع مستوى العنف القائم على النوع الاجتماعي والذي بدوره يؤثر سلباً على صحة النساء النفسية.
*الأمراض المعدية والمزمنة وسوء التغذية*
تعاني النساء في اليمن بشكل خاص من ارتفاع معدلات الأمراض المعدية كالكوليرا والتيفود، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن اليمن يشهد تفشياً واسعاً للكوليرا في السنوات الأخيرة.
ويعاني الكثير من النساء من الأمراض المزمنة كمرض السكر والربو ويحتجن الى علاجات متواصلة للتخفيف من وطأة المرض عليهن، وحسب استطلاع أجرته منصة "المرأة تتحدث" فإن من 10٪ من المشاركات في الاستطلاع يعانين من سوء التغذية أو أحد أفراد أسرتها، يعود هذا حسب وصفهن لنقص التغذية الصحية وغلاء أسعار المواد الغذائية والخضروات لتضطر الاسرة التعايش مع المتوفر حسب دخلهم المحدود يومياً.
وتوضح "أم بلال" من محافظة مأرب أن طفلها ذو العشرة أعوام ولعدم وجود مراكز متخصصة في محافظتها لعلاج حالة ابنها الذي يعاني من ألالام في الكلى واحتباس السوائل قائلة: "كنت اضطر الى السفر الى صنعاء برغم صعوبة السفر وتعب الطريق الشاقة والمقطوعة وتكاليف السفر المرتفعة كل ذلك معاناة تنهكني كامرأة ، وتضيف: آخر مرة ولعدم استفادة ابني من العلاجات وعدم وجود كوادر متخصصة -فأغلبها سافرت الى الخارج بسبب الوضع( دبرت فلوس وكلها دين )واضطررت للسفر الى الأردن لعلاجه، والان يحتاج مراجعة فقد عاد المرض ولافي اليد حيلة، فنحن فقدنا عائلنا في هذه الحرب وأنا متحملة كل المسؤولية وكل طاقتي استنزفت وهنالك الكثير مثل بلال يعانون وقد يموتون بسبب وضعهم المزري وقلة الحيلة."
في ظل هذه الظروف الصعبة، والقصص الكثيرة والمزرية واحصائيات الجهات المختصة بالجانب الصحي تظل الحاجة ماسة الى زيادة الدعم الدولي والمحلي لتحسين الظروف الصحية وتقديم الرعاية اللازمة لهذه الفئة الضعيفة ويصبح من الضروري تعزيز الجهود الإنسانية لتوفير الرعاية الصحية الأساسية وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للنساء في اليمن لتسهم في تحسين ظروفهن الحياتية وتقليل المعاناة التي يتعرضن لها بشكل يومي.